احتفال الذكرى الخامسة والعشرين لتغييب سماحة الإمام السيد موسى الصدر ورفيقيه في المركز الإسلامي اللبناني في كندا.
كلمة رئيس المركز القاها السيد نبيل عباس ومما جاء فيها:ايها السادة، في هذا اليوم نعود إلى الإمام الصدر وليس نستعيده في الذكرى الخامسة والعشرين لتغييبه، هذه الجريمة التي ارتكبت في حق لبنان، وفي حق العرب والمسلمين بتغييبه في ليبيا وعلى يد نظامها وليس على يد شعبها، هذا اليوم الذي نعتبره يوماً مجيداً وليس يوما حزيناً وذلك لاننا لا نفتقد فيه الإمام السيد موسى الصدر لا حضوراً ولا فعلاً يومياً ولا مستقبلاً مرجواً إن شاء الله وان كنا قد افتقدناه جسداً فكل معانيه حاضره بيننا في اخوانه وطلابه ومؤسساته التي اشاد بنيانها ورفع اركانها وما زالت مستمرة في عطائها الإنساني على الصعد المختلفة.
سيدي الإمام المغيب، اقف بين يديك وفي ذكراك التمسك والتمس منك، وها قد مضى ربع قرن من الزمن على غياب طلعتك البهية وثغرك الوضاح الباسم، وانت بيننا في كل ملمة نواجهها او حقبة نجتازها انت الحاضر الاكبر في تغييبك واما سجانك فهو الغائب الأكبر من دقائق التاريخ ولحظات الحياة. ها هو اليوم يعترف بمسؤوليته الاجرامية عن تفجير طائرة لوكربي تحت طائلة الضغوط الدولية ويدفع المليارات الثلاث من اموال شعبه بلا استحياء او حياء، اما انت سيدي فلم يحن عنده بعد وقت الاعتراف بمسؤوليته عن خطفك وتغييبك، ويا حبذا لو تضمنت قائمة المطالب التي قدمت اليه كشف وابانة حقيقة تغييبك لكان الامر انتهى وبان ولكن الشكوى إلى الله تعالى.
لقد اعطى الإمام الصدر اطراً كثيرة ومؤسسات وافكاراً يحتاج اي واحد منها لانجازها واكمالها إلى اكثر من هذه المدة بكثير، فأينما ذهبت ترى له خبراً واثراً فقد ملأ الدنيا وشغل الناس ومن هذه الانجازات الكبرى المباركة الانجاز الكبير الام المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى وحركة المحرومين وافواج المقاومة اللبنانية "أمل" ومستشفى الزهراء ومؤسسة جبل عامل المهنية ومدينة الزهراء وقرية الصدر النموذجية وهيئة نصرة الجنوب ولجنة المتابعة الدينية ولجنة العائلات الروحية إلى جانب العشرات من الافكار والرؤى ومجسمات المشاريع الأخرى.ومن حمد الله تعالى ان هذه المؤسسات الدينية والانسانية والتربوية والتي صارع الإمام الصدر بواسطتها الزمن والقهر والحرمان ليرسيها للفقراء والمستضعفين ليرفع عنهم الغبن المتراكم من اهمال العهود السابقة للاقطاع والسياسيين وورثة الاستعمار. من حمد تعالى انها باقية ومستمرة ومتوهجة وفي ايد امينة وبعضها قد توسع وتجذر وتحول إلى مؤسسة ثقافية رائدة كمدينة الزهراء في خلدة، والتي امست اليوم الجامعة الإسلامية في لبنان تحتضن الاف الطلاب في شتى العلوم والاختصاصات، وقد استحدثت مؤسسات ثقافية ومهنية اخرى لا سيما في منطقة الغبيري- شاتيلا من هنا فان ما كان السيد يطمح اليه ومن خلفه جموع الطامحين إلى غد افضل بقي مستمراً في نفس الاتجاه، وعلى هذا المنوال ننسج عملنا مع كل محبي الإمام الصدر في واقعنا الجاليوي بخيوط ثابتة ومحسوبة هي من سنن حبل الله المتين الذي يأمرنا بالاعتصام بحبل الله عز وجل وعدم الفرقة للامان من الهلكة ويأمرنا في نفس الوقت بقول سلاماً والاعراض عن الجاهلين، والذين اشتباها منهم بواقع المرحلة والساحة والتكليف يصرون على المناكفة واللعب وعبثاً يسعون لجرنا إلى ذلك.
فموسى الصدر ومن ينسج على منواله سيبقى علماً لا ينكسه تطاول الزمن ولا تلطخه مرديات الفتن، ورأيته حتماً في الخفاقة والجميع من الآخرين يقتاتون من فئات مائدة فكره ورؤاه التنظيمية وافقه الوطني الجامع.هذا هو الإمام موسى الصدر والذي هو موجود الآن انجازاً في المجتمع وانجازاً في الدولة وإنجازاً في المقاومة، وبالتالي انجازاً كبيراً في لبنان الوطن، والذي استعاد انتماءه العربي اقوى واصدق ما يكون الانتماء في الفعل والالتزام وليس في الدعوى والشعار، هكذا يكون الكبار لا يبقون محصورين في اشخاصهم ولا في عائلاتهم ولافي عشائرهم وطوائفهم، هم يتجاوزون كل ذلك ليكونوا حقيقة كبرى وعامة ويمتلكها الجميع وتمتلك الجميع، وعليه فهذا اليوم ليس مهرجاناً للحزن والشكوى والتباكي، بل هو مهرجان للافتخار وبالانجازات التي تحققت في المشروع الداخلي وطنياً والتي كانت في معظمها من رؤى وتطلعات وسعي الإمام الصدر، لقد تحقق المجتمع الموحد في لبنان، وخلصنا من انياب التعصب والفئوية والطائفية ولا يزال المشروع مستمراً ولا بد لنا من المضي قدماً في سبيل اكمال تحقيقه، وذلك بأن نخرج من دولة الاشخاص والتحالفات والمحاصصات والمنافع وفساد بعض الادارة لنستقيم على دولة الشعب اللبناني بكل معانيها ومضامينها، وعلى مستوى التحرير، فقد تحرر معظم الوطن منذ سنوات ثلاث ونيف وما زالت اجزاء عزيزة في مزارع شبعا وما حولها تنتظر، والواقع الاقتصادي المر يغزو الجميع في لقمة عيشهم ومدارس اولادهم واسرة مرضاهم، ويحتاج إلى الكثير الكثير من المعالجات الجذرية وليس التحذيرية.
ولا بد من التأكيد على الاستمرار في الحوار الإسلامي المسيحي الذي بدأه الإمام الصدر بتجواله العفوي الذي لم يستثن كنيسة او معبداً الا ودخله وحاضر فيه عن فهمه لسماحة الاسلام وسماحة العلاقة مع بقية الاديان. ولا ننسى زيارته المفاجئة لصاحب محل بوظة في صور وكان مسيحياً قد اجتنبه مواطنوه من باب الاشتباه بطهارة البوظة، فكان ان زاره واكل على الملأ من انتاجه.وبصراحة فأن فهمنا بأن ديمومة لبنان الوطن والشعب تتوقف على استمرار وتفعيل هذا الحوار. وكانت حركة التواصل بين الإمام الصدر ودنيا الاغتراب سيما في افريقيا والعالم العربي مستمرة شعوراً منه بأهمية المغتربين وما تعكسه قوتهم في سبيل مصلحة الوطن، وهذا ما يجعلنا نركز كثيراً على سوح الاغتراب وضرورة رص الصفوف ووحدة الكلمة واجتناب الاقتسام والفرقة والتناحر والذي لا يعوج إلا بالخسران والضعف والهوان على الجميع، لقد كان الإمام الصدر نشيطاً جداً في التواصل مع القضايا العربية والإسلامية كافة وفي مقدمتها القضية الفلسطينية والتي يتخبط شعبها اليوم بين مطرقة الحصار والغارات والاستهدفات الصهيونية شبه اليومية من ناحية، وبين سدان السلطة والنزاعات النظرية التي تعصف في اوساطها بعيداً عن احتياجات وهموم وواقع الشعب الفلسطيني.
اما العراق فقد دخل نفقاً مظلماً لا يعلم مداه الاه الله تعالى، حيت تتوالى العمليات الاجرامية والتي كان اخرها في حرم امير المؤمنين (ع) مستهدفة أية الله السيد الحكيم (قدس) وجموع المصلين والذين فرغوا للتو من تأدية جمعتهم حيث سقط المئات من الشهداء والجرحى.كما استهدف قبل ايام آية الله العظمى المرجع الديني السيد محمد سعيد الحكيم (دام ظله) واخطأته بعد ان قتلت ثلاثة مواطنين ابرياء.واما على المستوى العام فنحن امام نظام عالمي جديد قد نختلف على تعريفه ولكننا متفقون على احادية الهيمة فيه، وهو يمعن اليوم تفكيك الجوامع فلا نظام عربي بقي، ولا نظام اسلامي وصلنا إليه، كل ذلك على طريق وضعنا في نظام شرق اوسطي يدخلنا فيه فرادى، لا ناظم لنا سوى افكار الطرف المهيمن ومصالحه وخياراته وفقاً لحسابات دقيقة للتمايزات الاثنية لكي توضع على لائحة التفجير ساعة يشاء وحتى يكون التفجير المطلوب جاهزاً عند الطلب لا بد من تعميق الفوارق القائمة مع اضافات تتكفل بها قوانين حياتنا الداخلية ونوعية العلائق التي تربطنا ببعضنا البعض، ومن هنا تبرز اهمية الحوار وعلى مساحة العالم فاذا كانت المحبة هي مفتاح الخطاب الديني المسيحي، فانها في الاسلام مصونة بشريعة تجعلها فعلا يومياً.
وبعد هذا فأننا نتساءل كيف يتأتى لفرد او جماعة ان يذهب او يذهبوا إلى الصلاة المشوبة بالكره والحقد والتعصب في العقل والقل. ان موجات التعصب والتي اخذت تغزو العالم اليوم يروج لها من انظمة ومصالح سياسية يستفيد من ذلك حفنة من اصحاب الشركات الكبرى ومواقع القرار السياسي والذين يعزفون على سنفونية واحدة في العالم كافة ومن قبل مايسترو واحد وهو المشروع الصهيوني بأطماعه التي لا حدود لها وهذا ما حذر منه الإمام الصدر مراراً وتكراراً ونبه على الخطر الكبير الذي تمثله اسرائيل ومن يخدم مشروعها عالمياً.سيدي الإمام الصدر سلام عليك يا من استطعت ان تتجاوز عصبية المذاهب والطوائف فاستويت مرجعاً وطنياً للجميع، سلام عليك، والسلام جهاد، ودعوتي لعودتكم سالماً إلى ساحة الجهاد والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.العواصف